top of page
بحث

فخ "الاقتصاد الذكي": عندما يكلفك الدفع الأقل ثمناً باهظاً في خسارة المواهب

ree


من المغالطات الاستراتيجية الشائعة الإيمان بأن صرف رواتب تقل عن متوسط السوق يُحقق "توفيراً ذكياً" في الميزانية. هذا التفكير ليس وهماً فحسب؛ بل إنه سياسة ذات عواقب مباشرة ومدمّرة: فهي تحوّل منظمتك بشكل تدريجي إلى مدرسة تدريب مجانية تعمل بكامل طاقتها لخدمة منافسيك.

دعونا نحلل التداعيات الحقيقية لهذه الظاهرة من ثلاث زوايا نقدية ومترابطة.

1. زاوية الموظف: دورة حياة الموهبة الخاطفة

الموظف الذي يتقاضى أجراً لا يتناسب مع قيمته الحقيقية يُوضع تلقائياً في موقف مؤقت. يتحمل هذا الموظف الوضع لفترة محددة، مستغلاً إياها كفرصة لاكتساب الخبرة القيمة والمهارات الجديدة وتطوير الذات، معتبراً شركتك مجرد محطة عبور في مسيرته.

هذا التحمل لا ينبع من الإخلاص للشركة. فبمجرد أن يصبح الموظف مؤهلاً تماماً ومسلّحاً بمهاراته الجديدة، يصبح رحيله وشيكاً ويحدث في غضون أشهر، أسرع مما تتخيل الإدارة. النتيجة قاسية: لقد استثمرت شركتك المال والوقت والجهد في تدريب وتطوير موهبة ناضجة... التي يعود ثمرها بالكامل على منافسيها الذين يقدمون تقديراً مادياً أفضل.

2. زاوية المنافس: الحصاد دون زراعة

في الوقت ذاته، يقف المنافسون، الذين يتسمون بوعي أعلى بأسعار السوق وقيمة الكفاءات، منتظرين بصبر. إنهم يدركون بوضوح أن موجة حقيقية من الكفاءات المدرَّبة والجاهزة للعمل فوراً قادمة في طريقهم دون أي تكلفة تدريبية.

وهكذا، يستقبلون موظفاً جاهزاً للانخراط في العمل، يتمتع بدافعية عالية، والأهم، متعطشاً للتقدير الراتبي والمهني الذي لم يتمكن من الحصول عليه في مؤسستك. إنها استراتيجية رابحة ومضمونة بالنسبة لهم دون الحاجة إلى تكبد تكاليف أو مخاطر التدريب الأولي.

3. زاوية الشركة: من علامة تجارية جاذبة إلى محطة ترانزيت

بالنسبة للشركة التي تنتهج هذه السياسة، فإن العواقب شاملة وتؤثر بشكل دائم على سمعتها وقدرتها التنافسية كصاحب عمل:


  • غياب الاستقرار: بدلاً من التركيز على بناء قوة عاملة مستقرة ذات ولاء طويل الأمد، فإنها تنشئ دون قصد قائمة انتظار جاهزة للالتحاق بالجهات الفاعلة الأخرى في السوق.

  • تدهور السمعة: تتدهور سمعتها تدريجياً في سوق العمل، وتتحول من "وجهة" مهنية مرغوبة إلى مجرد "محطة عبور" يقضي فيها الموظفون فترة قصيرة.

  • تصدير المواهب: بدلاً من الافتخار بتطوير كوادرها والحفاظ عليها، تصبح مجرد "مزرعة بشرية" مهمتها الرئيسية هي إنتاج المواهب وتصديرها المستمر إلى المنافسين.


الراتب استثمار، وليس تكلفة يمكن تقليصها

من الضروري إعادة النظر في هذه المعادلة بشكل جذري. يجب على الشركات التي تدفع رواتب أقل من السوق أن تستوعب: الرواتب ليست مجرد بند تكلفة يجب تقليله؛ بل هي استثمار استراتيجي في ولاء الموظفين، استقرار الفريق، واستمرارية الأعمال.

إذا ظللت الإدارة مقتنعة بأن "من يرحل يمكن تعويضه بسهولة"، فسوف تحكم على المؤسسة بالبقاء عالقة في حلقة مفرغة مكلفة لا تتوقف: التوظيف – التدريب – التسرب.

الخلاصة النهائية:


  • الدفع بأقل من السوق = تمويل تدريب منافسك بشكل غير مباشر.

  • الدفع الصحيح والمنصف = بناء كيان مستقر وقوي وله القدرة على الازدهار.


 
 
📩 اشترك في نشرتي البريدية الشخصية لتصلك مباشرة إلى بريدك الإلكتروني رؤى قيّمة، قصص ملهمة، وآخر التحديثات حول مشاريعي الجديدة!

شكرا للتقديم!

© 2025 بواسطة وكالة انكي

 
bottom of page